أردوغان يؤكد أن تركيا مستمرة في دعم سيادة الشطر الشمالي ويرفض أي حل يُقصي الترك القبارصة ويُبقيهم أقلية دون المساواة الكاملة
![]() |
| أردوغان: حل قبرص في التعايش بين الدولتين |
في كلمة ألقاها يوم الخميس أمام المراسلين وبحضور رئيس جمهورية قبرص التركية الشمالية الجديد طوفان إرهورمان، شدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن الحلّ الأكثر واقعية لقضية قبرص يكمن في التعايش السلمي بين دولتين متساويتين على الجزيرة، وليس في إعادة إحياء اتحاد فيدرالي بات يفتقد إلى الزخم السياسي والاجتماعي بعد عقود من الفشل المتكرر. وقال أردوغان إن “السبب الجوهري لاستمرار الأزمة هو إصرار الجانب القبرصي اليوناني على إنكار المساواة الدولية للترك القبارصة، ورفضه المطلق مشاركتهم السلطة أو الثروة”، مُعرباً عن اعتزازه بأن الانتخابات الرئاسية التي جرت في 19 أكتوبر في الشطر الشمالي جرت بسلاسة وشفافية، وهو ما يُعدّ دليلاً على نضج المؤسسات الديمقراطية هناك. واستبق احتفالات الذكرى الثانية والأربعين لإعلان الجمهورية التركية الشمالية التي تصادف بعد يومين من اللقاء، مُوجهاً تحياته إلى “إخوانه القبارصة الأتراك” ومُؤكداً أن تركيا بوصفها الوطن الأم والضامن لن تتخلى عنهم في معركتهم من أجل “عدالة تاريخية” تُعيد لهم السيادة الكاملة على أرضهم وقرارهم. وفي سياق حديثه عن المحادثات التي استمرت منذ عام 1968 دون أن تُسفر عن اتفاق، ذكّر أردوغان بانسحاب الجانب اليوناني من مؤتمر كران مونتانا عام 2017، قائلاً: “منذ ذلك الحين قررنا ألا نُكرس جهودنا لمحادثات صورية، فلا يمكن تجفيف غسيل اليوم بشمس الأمس”، في إشارة إلى ضرورة ابتكار أطر جديدة تعترف بأن الجزيرة تضم “أمتين منفصلتين” تتطلب كل منهما تمثيلاً دولياً مستقلاً. وشدد على أن أي صيغة مستقبلية يجب أن تضمن الأمن العسكري والاقتصادي للشمال، وأن تركيا ستستمر في تقديم الدعم العسكري واللوجستي لحماية حقوق الترك القبارصة، مُستعرضاً مشاريع البنية التحتية الجديدة التي ستربط ميناء جيرن بخط سكك حديدية ينتهي عند الحدود مع الشطر الجنوبي، فضلاً عن خط أنابيب مياه جديد يُخفف أزمة الجفاف التي تهدد الزراعة في الشمال. وتابع: “نحن لا نسعى إلى عزلة الجنوب، بل نريد تعاوناً قائماً على الاحترام المتبادل، لكن ذلك يتطلب أولاً الاعتراف بأن الشمال كيان قائم بذاته، وله سيادة تامة على موارده ومجاله الجوي ومياهه الإقليمية”. وفي الشق الاقتصادي، كشف أردوغان أن تركيا ستُطلق صندوق تنمية بقيمة 750 مليون دولار لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الشمال، مع تخصيص 250 مليون دولار أخرى لتطوير الطاقة المتجددة، مؤكداً أن “الازدهار المشترك لن يتحقق إلا إذا أُزيلت العقوبات الاقتصادية غير العادلة المفروضة على القبارصة الأتراك”، ومُتعهداً بمواصلة الجهود الدبلوماسية مع باكستان وأذربيجان وقطر لافتتاح مكاتب تمثيلية جديدة لجمهورية الشمال في آسيا الوسطى. واختتم كلمته بتوجيه التحية إلى روح الزعيم الراحل رؤوف دنكطاش وإلى الدكتور فاضل كوتشوك، مُذكّراً بأن “قبرص ليست مجرد قضية جغرافية، بل قضية هوية تُمسّ بمستقبل أمتين في شرق المتوسط”، ومُعلناً دعمه الكامل لموقف إرهورمان الرافض أي مساومة على المساواة بين الشريكين التأسيسيين للجزيرة.
| أردوغان يؤكد أن تركيا مستمرة في دعم سيادة الشطر الشمالي ويرفض أي حل يُقصي الترك القبارصة ويُبقيهم أقلية دون المساواة الكاملة |
من جانبه، أشار الرئيس التركي القبارصة طوفان إرهورمان إلى أن “تركيا ظلت وستظل الشريك الاستراتيجي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في أي مفاوضات مقبلة”، مُؤكداً أن “مفهوم الدولتين المتساويتين ليس مطروحاً للتفاوض أو المساومة”، بل هو “حقيقة تاريخية وقانونية ثابتة”، وشدد على أن الجمهورية التركية الشمالية لن تقبل بأي صيغة تُعيدها إلى “أقلية” داخل دولة مركزية يهيمن عليها اليونانيون. وفي معرض حديثه عن أولوياته بعد توليه المنصب، أوضح إرهورمان أن حكومته تعمل على إعداد خارطة طريق اقتصادية ترتكز على ثلاث ركائز: الاستثمار في الطاقة الخضراء، تطوير الموانئ لجعلها مركزاً لوجستياً بين أوروبا وآسيا، وإنشاء منطقة تجارة حرة مع تركيا تُعفي السلع من الرسوم الجمركية بنسبة 100% خلال خمس سنوات، مُضيفاً أن “الانفتاح الاقتصادي لن يكون على حساب الأمن القومي”، وأن بلاده ستُنشئ قاعدة بيانات وطنية لتتبع الاستثمارات الأجنبية وضمان ألا تُستخدم لأغراض تُضر بالسيادة التركية. ورداً على سؤال المراسل حول إمكانية إحياء المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، قال إرهورمان: “نحن لا نُعارض الحوار، لكننا نرفض أي عملية لا تعترف مسبقاً بأن لدينا دولة ذات سيادة”، مُشيراً إلى أنه سلّم أردوغان مذكرة تتضمن مطالب الشمال التي تشمل فتح ميناء ومركز جوي دوليين تحت إدارة مشتركة بين الشطرين، لكن بإشراف سيادي منفصل لكل جانب، فضلاً عن تأسيس صندوق مشترك للغاز الطبيعي يُدار بالتوازي مع صندوق النفط القبرصي اليوناني. وفي الشأن الإنساني، أعلن إرهورمان أن تركيا وافقت على تخصيص 100 منحة دراسية سنوية لطلاب الشمال الراغبين في الدراسة بالجامعات التركية، مع إنشاء مستشفى متخصص في الأورام يخدم القبارصة الأتراك دون الحاجة للسفر إلى الخارج، مُؤكداً أن “العزلة الإنسانية التي يعيشها الشمال ستنتهي قريباً”، وأن “العالم سيُجبر على الاعتراف بأن التعايش السلمي هو السبيل الوحيد لاستقرار شرق المتوسط”. واختتم تصريحاته بتوجيه الشكر إلى أردوغان على دعمه المتواصل، مُعلناً أن “العلاقات بين أنقرة ولفكوشا دخلت مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية لن تكون قابلة للتراجع”، ومُؤكداً أن الجانبين سيعملان على تنسيق مواقفهما في المحافل الدولية، بما في ذلك منظمة التعاون الإسلامي ومجلس أوروبا، لضمان أن “صوت الشمال يُسمع عالياً في كل المحافل”، مُذكّراً بأن “التاريخ لن يرحم من يُعيدون قبرص إلى نقطة الانطلاق صفر”، وداعياً المجتمع الدولي إلى “الانضمام إلى قطار السلام قبل فوات الأوان”.
المراسل آخر أخبار اليوم حول العالم و أبرز الأخبار العالمية والمحلية العاجلة من قلب الأحداث. المراسل العسكري : نحن نغطي التطورات العسكرية في الشرق الأوسط والعالم، ونوفر محتوى موثوقًا ومحدثًا باستمرار يشمل أخبار الجيش، الأسلحة، العمليات العسكرية، النزاعات، الدفاع، والأمن القومي. إذا كنت من المهتمين بالشؤون العسكرية أو باحثًا عن مصدر موثوق للأخبار العسكرية والتحليلات الدفاعية، فإن "المراسل العسكري" هو وجهتك الأفضل.
ما هو الموقف التركي الرسمي من حل قضية قبرص حالياً؟
تؤمن تركيا أن الحل الأوحد يكمن في التعايش بين دولتين متساويتين، وتُصر على اعتراف المجتمع الدولي بـ سيادة الشطر الشمالي قبل أي مفاوضات جديدة.
لماذا ترفض الجمهورية التركية الشمالية العودة إلى نظام الفيدرالية؟
لأن التجربة أثبتت أن الفيدرالية ستُعيد الترك القبارصة إلى وضعية أقلية تُهمَّش واقتصادياً، بينما يرون أن المساواة التامة تقتضي دولتين منفصلتين.
كيف تسعى أنقرة ولفكوشا إلى كسر العزلة الاقتصادية للشمال؟
عبر إطلاق صناديق تنمية بمليار دولار، إنشاء منطقة تجارة حرة، تطوير موانئ الطاقة الخضراء، والدبلوماسية المكثفة لفتح مكاتب تمثيلية جديدة تُعزز الأمن الاقتصادي والسياسي للشمال.
