تمويل أوكرانيا والأصول الروسية

تحذيرات المفوضية الأوروبية من عجز الميزانيات وخطط استخدام الأصول المجمدة كضمان - تقرير من المراسل المالي

تمويل أوكرانيا والأصول الروسية
تمويل أوكرانيا والأصول الروسية

في وثيقة سرية اطلعت عليها صحيفة فاينانشال تايمز، حذرت المفوضية الأوروبية دول الاتحاد الأوروبي من أنها ستواجه عجزاً متصاعداً وديوناً متراكمة ما لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق لاستخدام الأصول الروسية المجمدة كضمان لتمويل أوكرانيا. هذه الوثيقة، التي تم توزيعها على عواصم الدول الأعضاء، تأتي في أعقاب الفشل في تحقيق إجماع الشهر الماضي حول ما يُعرف بـ "قرض التعويضات" الذي كان مقترحاً بقيمة 140 مليار يورو، وهو المبلغ الضخم الذي يعكس حجم الأزمة المالية التي تواجهها كييف. ودون اللجوء إلى هذه الاحتياطيات المجمدة للبنك المركزي الروسي، التي تبلغ قيمتها حوالي 200 مليار يورو محتجزة ضمن نظام "يوروكلير" في بلجيكا، فإن الخيارات المتاحة أمام الكتلة الأوروبية ستكون محدودة وخطيرة من الناحية المالية. فإما أن تضطر إلى التفويض بالاقتراض المشترك، وهو ما قد يرفع تكاليف الاقتراض العامة للاتحاد ويقوض الأدوات المالية الأخرى، أو أن تصدر منحاً مباشرة، وكلا الخيارين سيؤثر بشكل مباشر وملموس على الميزانيات الوطنية لدول الاتحاد وسيزيد من عبء الديون العامة في وقت تعاني فيه العديد من اقتصاداتها من الركود والتضخم. وتكلفة خدمة قرض جماعي بهذا الحجم ليست هينة، حيث قد تصل مدفوعات الفائدة السنوية إلى 5.6 مليار يورو، وهو مبلغ ضخم يمكن أن يُوجه لتمويل برامج تنموية أو اجتماعية داخل الدول الأوروبية نفسها. ومن الجدير بالذكر أن الوثيورة لم تشر حتى إلى خيار عدم تمويل كييف، مما يعكس الالتزام السياسي الثابت، لكنه المكلف، لدعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي. هذا الوضع المالي الصعب يضع الاتحاد الأوروبي في مأزق حقيقي، حيث يتوقع الجانب الأوكراني أن يغطي حلفاؤه الغربيون عجزاً مالياً يقترب من 50 مليار دولار في العام المقبل، فيما تُظهر مسودة ميزانية أوكرانيا لعام 2026 إنفاقاً متوقعاً بحوالي 114 مليار دولار وإيرادات لا تتجاوز 68 مليار دولار، مع تخصيص شبه كامل للإيرادات المحلية للأغراض العسكرية، لتصبح النفقات الحكومية المدنية الحيوية مثل الرواتب والمعاشات التقاعدية والرعاية الصحية والتعليم معتمدة بالكامل على المساعدات الخارجية، وهو ما يجعل من قضية التمويل قضية وجودية لأوكرانيا واستقرارها.

تعتمد الخطة الجديدة التي تروج لها المفوضية الأوروبية على فكرة استخدام الأصول المجمدة كضمان للاقتراض، مستندة إلى افتراض طموح ومثير للجدل مفاده أن روسيا ستضطر في النهاية إلى سداد هذا القرض كجزء من تسوية سلام مستقبلية، وهو ما وصفه رئيس وزراء بلجيكا بارت دي ويفر بأنه نتيجة غير محتملة، مما يعكس مخاطر قانونية وسياسية جسيمة. وتواجه هذه الخطة معارضة شديدة من بلجيكا، الدولة المضيفة للأصول، والتي تتمسك بموقفها الرافض بسبب المخاوف المالية والسمعية الخطيرة، حيث أن الأموال المجمدة، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 300 مليار دولار على مستوى العالم، لم يتم مصادرتها technically بل هي مجمدة بموجب عقوبات، ويمكن لروسيا المطالبة بها واستردادها بالكامل إذا لم يتم تجديد عقوبات الاتحاد الأوروبي بشكل مستمر. وقد قام الاتحاد الأوروبي بالفعل بتمديد التعريفات القانونية إلى أقصى حد بتصنيف الفوائد الناتجة عن هذه الأموال المجمدة على أنها "أرباح غير متوقعة" لا تعود لروسيا، وبدأ في استخدامها لتسليح كييف، مما يخلق سابقة قانونية مثيرة للجدل. وقد فشلت مسؤولو المفوضية الأوروبية مرة أخرى يوم الجمعة في إقناع الجانب البلجيكي بتأييد خطة الاستيلاء على الأصول، مما يعكس عمق الانقسام داخل الكتلة. ومن جهته، حذرت روسيا، عبر المراسل الرسمي لوزارة الخارجية، من أنها ستعتبر أي استخدام لأصولها المجمدة بمثابة سرقة، وهددت بالرد بطريقة مماثلة من خلال الاستيلاء على ما قيمته 200 مليار يورو من الأصول الغربية المحتجزة داخل روسيا والمملوكة للحكومات والشركات الأجنبية، مما يهدد بإشعال حرب مالية واقتصادية شاملة يكون الجميع خاسراً فيها. هذا التهديد الروسي ليس فارغاً، فهو يعكس استراتيجية مضادة واضحة تهدف إلى تفكيك التحالف الغربي من خلال تخويف الدول الأوروبية من عواقب اقتصادية وخيمة على شركاتها واستثماراتها، مما يضع العديد من الحكومات في موقف صعب بين التزامها الأخلاقي والسياسي بدعم أوكرانيا وبين حماية مصالحها الاقتصادية الوطنية المباشرة، في واحدة من أكثر المعضلات السياسية والمالية تعقيداً التي واجهها الاتحاد الأوروبي على الإطلاق.


تواجه دول الاتحاد الأوروبي معضلة مالية وسياسية حادة بين دعم أوكرانيا بشكل حاسم والحفاظ على استقرار ميزانياتها الوطنية. خطة استخدام الأصول الروسية المجمدة كضمان تقدم حلاً محفوفاً بالمخاطر القانونية والاقتصادية، حيث تهدد برد فعل روسي عنيف وتبقي شبح الديون والانقسام الداخلي قائماً، مما يستدعي إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة تتجاوز الإجراءات المؤقتة.

المراسل آخر أخبار اليوم حول العالم و أبرز الأخبار العالمية والمحلية العاجلة من قلب الأحداث. المراسل العسكري : نحن نغطي التطورات العسكرية في الشرق الأوسط والعالم، ونوفر محتوى موثوقًا ومحدثًا باستمرار يشمل أخبار الجيش، الأسلحة، العمليات العسكرية، النزاعات، الدفاع، والأمن القومي. إذا كنت من المهتمين بالشؤون العسكرية أو باحثًا عن مصدر موثوق للأخبار العسكرية والتحليلات الدفاعية، فإن "المراسل العسكري" هو وجهتك الأفضل.


ما هي المخاطر الرئيسية لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا؟

تشمل المخاطر ردود فعل روسية عنيفة مثل مصادرة الأصول الغربية، والمخاطر القانونية المتعلقة بشرعية الإجراء، بالإضافة إلى المخاطر المالية والسمعية التي قد تؤثر على مركز الاتحاد الأوروبي كملاذ آمن للاستثمارات.

ما هو الموقف البلجيكي من الخطة ولماذا تعتبر حاسمة؟

ترفض بلجيكا الخطة بشدة بسبب المخاوف المالية والسمعية والقانونية. وموقفها حاسم لأن الجزء الأكبر من الأصول الروسية المجمدة (حوالي 200 مليار يورو) محتجز في نظام "يوروكلير" البلجيكي، مما يعني أن أي إجراء يتطلب موافقتها.

كيف سيغطي الغرب العجز المالي لأوكرانيا إذا فشلت الخطة؟

في حال فشل الخطة، ستضطر دول الاتحاد الأوروبي إما إلى اللجوء إلى الاقتراض المشترك (مما يزيد الديون العامة) أو تقديم منح مباشرة من الميزانيات الوطنية، وهي خيارات مكلفة وتثير استياءً شعبياً في العديد من الدول.

إرسال تعليق

أحدث أقدم