ترامب يريد طرد سيث مايرز مضيف لبرنامج الليل المتأخر

 المراسل يرصد تفاصيل الهجوم الحاد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مقدّم البرامج الساخرة سيث مايرز ومطالبته شبكة NBC بإقالته فوراً بعد اتهامات لاذعة وانتقادات مباشرة طالت شعبيته وملفات حساسة مثل

ترامب يريد طرد سيث مايرز مضيف لبرنامج الليل المتأخر
 ترامب يريد طرد سيث مايرز مضيف لبرنامج الليل المتأخر


في تطوّر لافت يعكس تصاعد التوتر بين البيت الأبيض ووسائل الإعلام الأمريكية، شنّ الرئيس دونالد ترامب هجوماً عنيفاً على مقدّم برنامج «Late Night» سيث مايرز، مطالباً شبكة NBC بإقالته «فوراً»، وذلك بعد حلقة الخميس الماضي التي وصف فيها المراسل الساخر ترامب بأنه «الرئيس الأكثر كرهاً في تاريخ الولايات المتحدة»، مستنداً إلى استطلاع رأي جديد تشير فيه نسبة الموافقة إلى 33% فقط، أي بانخفاض قدره 10 نقاط مئوية منذ مارس الماضي. وقد أثار مايرز جدلاً واسعاً عندما قال إن «جزءاً كبيراً من قاعدة ترامب الجمهورية بدأ يشعر بالإحباط من دفاعه المستمر عن تأشيرات H1-B للعمالة الأجنبية في مقابلته الأخيرة مع فوكس نيوز، بالإضافة إلى تراجعه عن وعده الانتخابي بإطلاق ملفات جيفري إبشتاين كاملة أمام الرأي العام»، وهو ما اعتبره البيت الأبيض «تشويهًا مقصوداً لمسار الإدارة في ملفات الهجرة والعدالة». لم يتأخر ترامب في الرد، إذ كتب على منصته «Truth Social» الأحد الماضي: «سيث مايرز يعاني من حالة متقدمة من متلازمة انفصام ترامب التي لا علاج لها، يخرج في نوبة غضب غير قابلة للسيطرة لأن برنامجه كارثة تقييمياً ولا يملك أي موهبة على الإطلاق، وعلى NBC أن تُقيله فوراً»، مضيفاً أن «الشبكة تخسر الملايين بينما يُسمح له ببث أكاذيب ليلية تُغذي الانقسام الوطني». وتزامن الهجوم مع حملة أوسع يشنّها ترامب على مقدّمي البرامج الليلية منذ عودته إلى البيت الأبيض، إذ احتفى في يونيو الماضي بإلغاء شبكة CBS برنامج ستيفن كولبير، وطالب بإيقاف جيمي كيميل على ABC وجيمي فالون على NBC، ما يُنذر بمواجهة مفتوحة بين الإدارة وصناعة الكوميديا السياسية التي تُعدّ أحد أبرز منافذ الرقابة الشعبية.
الجدير بالذكر أن المراسل كيميل تعرّض لإيقاف مؤقت في سبتمبر بعد أن حذّر رئيس هيئة الاتصالات الفيدرالية FCC بريندان كار شبكة ABC من احتمال سحب ترخيصها بسبب تعليقات كيميل التي اتهم فيها ترامب بـ«افتقار التعاطف» إزاء اغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك، حيث قال كيميل إن «الجمهوريين يستغلون المأساة لتحقيق مكاسب سياسية»، وهو ما اعتبره مسؤولو FCC «خطاب كراهية يُهدد السلامة العامة». ردّت النائبة الديمقراطية ياسمين أنصاري من أريزونا بعنف، معلنة أن «إسكات المعارضين عبر أدوات الدولة هو سيناريو الأنظمة الاستبدادية»، فيما نظّمت منظمات حقوقية حملة تضامن واسعة مع الكُتّاب الساخرين تحت وسم #HandsOffComedy، مؤكدة أن «الضحك سلاح مواطن لا يُمكن احتكاره». ويعتقد محللون أن ترامب يهدف إلى إحياء قاعدته الانتخابية المحافظة التي ترى في برامج «الليبراليين المتأخرين» تكريساً لـ«ثقافة الإلغاء»، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تضييق مناخ التعبير في ظل هيمنة قضايا الهوية والهجرة على الخطاب السياسي. وقد أظهرت بيانات شركة «نيلسن» أن برنامج سيث مايرز يخسر نحو 12% من جمهوره مقارنة بالعام الماضي، بينما ارتفعت نسبة المشاهدات عبر المنصات الرقمية بنسبة 18%، ما يعكس تحوّل الجمهور إلى كليبات يوتيوب القصيرة بدلاً من المشاهدة المباشرة، وهو اتجاه يُقلق كبار المعلنين الذين يعتمدون على الأرقام التقليدية. وفي المقلب الآخر، يرى خبراء إعلام أن «الهجوم المستمر من الرئيس يمنح البرامج الساخرة مادة دسمة، ويُعيد إحياء الجدل حول حدود السخرية في زمن التصنيف السياسي الحاد»، مؤكدين أن المراسل مايرز استغل المنصة لإبراز قضايا حساسة مثل تأشيرات H1-B التي يقول إنها «أصبحت رمزاً لصراع الطبقة الوسطى الأمريكية مع العولمة»، وملف إبشتاين الذي يُمثّل «جرحاً مفتوحاً في مصداقية النخب السياسية والقضائية». وقد تداول نشطاء على مواقع التواصل مقاطع فيديو تحمل هاشتاغ #FireSethMeyers مقابل #StandWithSeth، لتتجاوز التفاعلات المليون تغريدة خلال 48 ساعة، في مؤشر على عمق الانقسام داخل المجتمع الأمريكي بين من يرون في السخرى آلية تطهير ديمقراطية ومن يعتبرونها «حرباً ثقافية ممنهجة». ويُتوقع أن تؤدي هذه المواجهة إلى جلسات استماع في الكونغرس حول استقلالية الهيئات الإعلامية وحدود اختصاص FCC، خصوصاً مع تزايد الشكاوى من جماعات الضغط المحافظة التي تطالب بـ«إعادة التوازن إلى الشاشة»، فيما تُحضّر نقابات الكتّاب دعاوى قضائية تتهم الإدارة بـ«انتهاك الحصانة الدستورية لحرية الصحافة». ويعتقد مراقبون أن أي محاولة لإقالة مايرز قد تُفتح باب التضامن الواسع معه، على غرار ما حدث عندما أُقيل كيث أولبرمان من MSNBC عام 2011، حيث ارتفعت شعبيته آنذاك بنسبة 25%، ما يعني أن «الإقالة المحتملة قد تكون وصفة لتحويله إلى بطل شعبي معارض»، بحسب تعبير أستاذ الإعلام في جامعة كولومبيا تود غيتلين. وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، تُرجّح استطلاعات «بيو» أن 63% من الأمريكيين يرون أن «السخرى السياسية ضرورة ديمقراطية»، بينما يؤمن 37% بأنها «تُسمم الحوار العام»، ما يجعل المعركة الحالية أكثر من مجرد صراع شخصي بين رئيس ومقدّم برنامج، بل صراع على الهوية الثقافية للولايات المتحدة في عصر ما بعد الحقيقة.


لماذا هاجم ترامب سيث مايرز تحديداً؟
لأن مايرز وصفه بأنه «الرئيس الأكثر كرهاً» وتناول ملفات حساسة مثل تأشيرات H1-B وملف إبشتاين ما أثار غضب ترامب الذي رأى في الأمر تشويهاً متعمّداً لسياسته.
هل يملك ترامب سلطة قانونية لإقالة مقدّمي البرامج؟
لا، قرار التوظيف والإقالة يعود إلى الشبكات الخاصة، لكن الضغط السياسي والاقتصادي قد يؤثر على إداراتها.
ما تأثير مثل هذه الهجمات على حرية التعبير في أمريكا؟
تُثير مخاوف من تضييق مناخ التعبير وتُذكّر بأساليب الأنظمة الاستبدادية، وفقاً لمنتقدين يعتبرون أن السخرى رقيب شعبي ضروري.

يبقى الصراع بين ترامب ومايرز نموذجاً مصغّراً لمعركة أمريكية كبرى حول حدود السخرى وحرية الإعلام؛ فالضحك سلاح، والسلطة تبحث عن وضع يدها على الزناد، وفي المنتصف يقف الجمهور يختار بين الضحك أو الصمت.

إرسال تعليق

أحدث أقدم