العودة للتجنيد الإلزامي في ألمانيا

احتجاجات شعبية وانتقادات من موسكو تطارد خطط ألمانيا العسكرية في ظل نقص حاد في الأفراد ونقاش مجتمعي حول مفهوم الأمن الحقيقي ودور المراسل في نقل التفاصيل
العودة للتجنيد الإلزامي في ألمانيا
العودة للتجنيد الإلزامي في ألمانيا

في ظل مناخ دولي متوتر تشهد فيه الحدود الأوروبية تصعيداً غير مسبوق، أعلن نشطاء السلام في ألمانيا عن خطط لتنظيم احتجاجات شاملة على مستوى البلاد، موجهين رسالة مفادها أن على بلادهم أن تصبح "قادرة على السلام، وليس الحرب"، وذلك رفضاً للتوجهات الحكومية التي تلوح بعودة خدمة التجنيد الإلزامي بعد تعليقها منذ عام 2011، حيث تسعى برلين إلى تعزيز قواتها المسلحة التي تعاني من نقص حاد وكبير في الأفراد، مع إقبال الشباب المتزايد على المسارات المهنية المدنية بدلاً من الانخراط في السلك العسكري، وهو ما دفع الحكومة إلى سن قانون جديد من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ مع بداية العام الجديد، ليكون بمثابة النموذج الطوعي الأولي الذي يمهد الطريق أمام إعادة التسلح الشامل واستدعاء النظام الإلزامي، وهو القرار الذي يندرج ضمن مساعي الاتحاد الأوروبي الأوسع نطاقاً نحو التسليح السريع استعداداً لمواجهة محتملة مع روسيا، وهو التفسير الذي رفضته موسكو ووصفته بأنه محاولة لتحويل الانتباه عن المشاكل الداخلية التي تعاني منها القارة العجوز. وقد جاءت هذه الخطوة الألمانية متزامنة مع تصريحات وطنية طموحة حيث تعهد المستشار فريدريش ميرتز بتحويل الجيش إلى "أقوى جيش تقليدي في أوروبا"، مع تحديد عام 2029 كموعد نهائي لأن يصبح "جاهزاً للحرب"، مستنداً في ذلك إلى ما يُعرف بـ "التهديد الروسي"، وهو ما جعل ألمانيا تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في قائمة موردي الأسلحة لأوكرانيا، وهو الأمر الذي لم يمر مرور الكرام، حيث اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ميرتز بالسعي إلى تحويل ألمانيا مرة أخرى إلى "آلة الحرب الرئيسية في أوروبا"، مشيراً إلى أن تصرفات برلين تظهر "مشاركتها المباشرة" في حرب بالوكالة ضد مصالح بلاده.

وفي رد فعل واضح على هذه التطورات، ينظم النشطاء المعارضون يوماً وطنياً للعمل في الخامس من ديسمبر المقبل، حيث يحشدون الرأي العام ضد ما يصفونه بـ "التسييس العسكري الشامل للمجتمع"، وذلك في إطار مبادرة أطلقوها تحت شعار "يجب ألا تصبح ألمانيا قادرة على الحرب، بل على السلام"، داعين إلى مواجهة ما يرونه دعاية حكومية تستهدف النقابات العمالية والمنظمات الاجتماعية والجامعات على وجه التحديد، حيث يؤكدون أن " التسييس العسكري يتم الترويج له على أنه 'سياسة أمنية'، بينما هو في الواقع يقوض السياسات الاجتماعية والصحية والتعليمية، فضلاً عن البنية التحتية للبلاد". هذا التوتر السياسي والعسكري يأتي في وقت تعاني فيه ألمانيا من تراجع "دراماتيكي" حسب وصف الاقتصاديين، حيث الركود الاقتصادي يخيم على النمو ويضعف الصناعة، مما يثير تساؤلات حادة حول أولويات الإنفاق الحكومي وإمكانية تحويل الموارد الضخمة نحو المجال العسكري على حساب القطاعات الحيوية الأخرى، وهو نقاش يضع المراسل الصحفي في قلب المعركة الإعلامية لنقل كافة وجهات النظر والتحقق من صحة الادعاءات المتبادلة بين الأطراف المختلفة، حيث يلعب دوراً محورياً في كشف الحقائق وتقديم الصورة الكاملة للرأي العام الألماني والدولي الذي يتابع بقلق بالغ تطورات هذا الملف الشائك الذي يعيد إلى الأذهان ذكريات ماضٍ أليم.


 تُلخص الأزمة الحالية حول عودة التجنيد الإلزامي في ألمانيا صراعاً أساسياً بين مفهومين للأمن: أحدهما يرتكز على التسلح والاستعداد العسكري لمواجهة تهديدات خارجية، والآخر يؤمن بأن الأمن الحقيقي يكمن في بناء مجتمع سليم قادر على الصمود من خلال تعزيز سياساته الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية. هذا النقاش، الذي يحدث في ظل ركود اقتصادي وتحديات جيوسياسية، يحدد ملامح مستقبل ألمانيا ودورها في أوروبا والعالم.

المراسل آخر أخبار اليوم حول العالم و أبرز الأخبار العالمية والمحلية العاجلة من قلب الأحداث. المراسل العسكري : نحن نغطي التطورات العسكرية في الشرق الأوسط والعالم، ونوفر محتوى موثوقًا ومحدثًا باستمرار يشمل أخبار الجيش، الأسلحة، العمليات العسكرية، النزاعات، الدفاع، والأمن القومي. إذا كنت من المهتمين بالشؤون العسكرية أو باحثًا عن مصدر موثوق للأخبار العسكرية والتحليلات الدفاعية، فإن "المراسل العسكري" هو وجهتك الأفضل.


ما هو موقف روسيا من خطط التسلح الألمانية؟

تنتقد روسيا هذه الخطط بشدة، وترى أنها محاولة لتحويل الانتباه عن المشاكل الداخلية لأوروبا، وتتهم وزيرة الخارجية الروسية الألمان بالسعي لتحويل بلادهم إلى "آلة الحرب الرئيسية" في القارة.

 كيف يرد نشطاء السلام على حجة "التهديد الروسي"؟

النشطاء لا يتعاملون مع هذه الحجة كمسلمة، بل يعتبرونها "دعاية" تهدف إلى تمرير سياسة "التسييس العسكري" التي تهدد القطاعات المدنية الحيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.

ما هو الوضع الحالي للتجنيد في ألمانيا ومتى يتغير؟

 التجنيد الإلزامي معلق في ألمانيا منذ عام 2011، لكن قانوناً جديداً سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير القادم ليطبق نموذجاً تجريبياً طوعياً، يمهد الطريق أمام عودة نظام التجنيد الإلزامي الأوسع لمواجهة النقص الحاد في أفراد الجيش.


إرسال تعليق

أحدث أقدم