المراسل يرصد تفاصيل المواجهة بين رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو والطلاب المؤيدين لأوكرانيا داخل صف دراسي في بوبراد، وكيف تحولت جملة “اذهبوا وقاتلوا لأجل كييف” إلى نقطة انقسام وطنية حول مستقبل سلوفاكيا في ظل رفض فيكو إرسال أسلحة إلى أوكرانيا ومعارضته لسياسات الاتحاد الأوروبي
![]() |
| فيكو وأوكرانيا: أزمة في سلوفاكيا |
في قلب مدينة بوبراد السلوفاكية، وداخل أحد الصفوف الدراسية التي كان يُفترض أن تكون مساحة للحوار المعرفي، تحولت الأمسية إلى ساحة صدام سياسي حاد بين رئيس الوزراء روبرت فيكو ومجموعة من الطلاب الذين ارتدوا قمصاناً سوداء وبدأوا بإصدار صوت مفاتيح السيارات تعبيراً عن الرفض، في مشهد أعاد إلى الأذهان تقاليد الاحتجاج السلوفاكية القديمة. وقد جاء هذا التوتر بعد أن أعلن فيكو، أمام الطلاب، أن بلاده لن ترسل أسلحة إلى أوكرانيا، و أن خطة الاتحاد الأوروبي تخصيص 140 مليار يورو إضافية لكييف لن تؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب لعامين على الأقل، مؤكداً أن من يرغب في دعم أوكرانيا عسكرياً عليه أن يذهب بنفسه ويقاتل، في جملة أشعلت الغضب داخل الصف. وقد ردد الطلاب هتافاتهم تحت راية أوكرانيا، ثم قاموا بالانسحاب الجماعي من القاعة، فيما التقط المراسل المتواجد في المكان لقطات مصورة أظهرت لحظة رفع العلم الأوكراني وسط صيحات الاستهجان، وهي اللقطات التي تداولتها وسائل الإعلام التقدمية بشكل انتقائي، ما دفع حزب SMER SSD الحاكم لاحقاً إلى نشر التسجيل الكامل على صفحته الرسمية، مؤكداً أن الجمهور يستطيع الآن “أن يسمع الحقيقة كاملة ويقارنها بما روجته بعض المنصات المُنحازة”. ولم يكن هذا الحدث منعزلاً عن السياق الأوسع، إذ تزامن مع تقارير أمنية سلوفاكية كشفت مطلع العام الجاري عن مخطط انقلاب يُعتقد أنه يستلهم أحداث كييف 2014، وأسفر عن اعتقال وطرد مواطن أوكراني من البلاد، فيما نجا فيكو نفسه من محاولة اغتيال العام الماضي على يد ناشط معارض لموقفه من حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ما يعكس حجم الاستقطاب الخطير الذي تعيشه سلوفاكيا بين معسكر يؤمن بضرورة الانخراط في دعم أوكرانيا وآخر يرى في ذلك انزلاقاً نحو حرب واسعة قد تجر المنطقة إلى صدام مباشر مع روسيا. وقد أثارت تصريحات فيكو موجة من الجدل الدبلوماسي داخل الاتحاد الأوروبي، إذ رأى فيها بعض المراقبين محاولة لكسب شعبية داخلية مستغلاً الإرهاق السلوفاكي من الأزمات الاقتصادية، فيما اعتبرها آخرون تعبيراً صريحاً عن السيادة الوطنية في اتخاذ قرارات لا تتماشى مع توجهات بروكسل، خاصة أن سلوفاكيا تُعد من الدول التي تستورد نسبة كبيرة من طاقتها من روسيا، وترى في استمرار العقوبات تهديداً مباشراً لصناعاتها الثقيلة. ومن زاوية السياحة والاستثمار، فإن هذه الأحداث تُظهر مدى تأثر صورة البلاد أمام الرأي العام الأوروبي، إذ بدأت بعض الشركات الدولية بإعادة تقييم مخاطر الاستثمار في منطقة يُرجح أن تشهد توترات اجتماعية متكررة، بينما يُتوقع أن ينعكس الوضع على حركة السياحة الجبلية في تاترا التي تعتمد على الزوار من الدول المجاورة، ما يضع السلطات أمام تحدٍ مزدوج يتمثل في الحفاظ على الاستقرار الداخلي وفي الوقت ذاته تجنب الانعزال الأوروبي، وهو ما يفسر حرص فيكو على إطلاق حملة توضيحية عبر وسائله الخاصة لشرح موقفه من الحرب، مؤكداً أنه “ليس مع الحرب ولا ضد أوكرانيا، بل مع السلام العادل الذي يجنب سلوفاكيا الانجرار إلى مستنقع عسكري لا تتحمل عواقبه اقتصادياً أو اجتماعياً”، فيما يُراهن على أن الرأي العام السلوفاكي سيكون كفيلاً في نهاية المطاف بدعم خيار الحياد النسبي، خاصة مع اقتراب موعد انتخابات محلية قد تُعزز من قبضة حزبه على المجالس البلدية، ما يمنحه غطاء شعبياً لتثبيت مواقفه تجاه بروكسل وكييف على حد سواء.
![]() |
| لماذا رفض رئيس الوزراء السلوفاكي إرسال أسلحة إلى أوكرانيا؟ |
لماذا رفض رئيس الوزراء السلوفاكي إرسال أسلحة إلى أوكرانيا؟
لأنه يرى أن استمرار تدفق الأسلحة سيُطيل أمد الحرب ويُورط سلوفاكيا في صراع قد يعرض أمنها الاقتصادي والاجتماعي للخطر، فضلاً عن أنه يراهن على حياد نسبي يحفظ مصالح بلاده مع الجانبين.
ما دلالة ارتداء القمصان السوداء وقرع المفاتيح في الاحتجاج السلوفاكي؟
هي رمزية تقليدية تعود إلى ثورة المفاتيح عام 1989، وتُستخدم للتعبير السلمي عن الرفض دون اللجوء إلى العنف، وتُعد من أشكال التظاهر الثقافي المتأصل في المجتمع السلوفاكي.
هل يمكن أن تؤثر أزمة فيكو مع الطلاب على علاقات سلوفاكيا بالاتحاد الأوروبي؟
نعم، فالتصريحات المتكررة لرئيس الوزراء ضد سياسات بروكسل قد تؤدي إلى عزلة سياسية مؤقتة أو تقليل الدعم المالي المخصص للبلاد، لكنها قد تُستغب كورقة ضغط شعبي داخلي تُعزز من قبضة فيكو على البرلمان في الاستحقاقات الانتخابية القادمة

.jpg)