اخر الاخبار في تونس ماذا يحدث في مدينة قابس حيث تتزايد حالات الاختناق؟

 اخر الاخبار في تونس تصاعد الغضب الشعبي في قابس — مطالبات بإغلاق مصنعي الملوثات و«آخر الأخبار في تونس» تؤجّج التضام

اخر الاخبار في تونس
اخر الاخبار في تونس

في 14 أكتوبر 2025، تستمرّ تداعيات الاحتجاجات التي اندلعت يوم الجمعة 10 أكتوبر في منطقة شط السلام التابعة لمحافظة قابس، حيث خرج مئات القاطنين إلى الشوارع تنديدًا بـ انبعاث الغازات السامة من مصانع المجموعة الكيميائية التونسية (GCT)، المطالِبة الفورية بفكّ المجمّع الكيميائي وحماية صحة السكان والبيئة من الانفجارات السامة.


خلفية الأزمة وتفاقمها

منذ أيام، شهدت منطقة شط السلام ارتفاعًا ملحوظًا في حالات الاختناق التنفسي، خصوصًا بين التلاميذ في المدارس، حيث وثّقت مقاطع فيديو متداولة حالات ذُعر واستعجال، مع ضحايا يُنقلون إلى المستوصفات. وقد أُودِع أكثر من 20 شخصًا مستشفى في تلقّي العلاج نتيجة شكاوى من ضيق التنفّس والتهابات تنفسيّة، وفق ما نقلته إذاعة الجوهرة أف أم محليًّا.

وفي ظلّ هذه المعاناة المتكرّرة، أجابت جمعيات بيئية مثل Stop Pollution بالدعوة إلى احتجاجات واسعة، رفع خلالها المحتجّون شعارات مثل «الشعب يطالب بتفكيك المجموعة الكيميائية»، «نريد أن نعيش»، و«قابس ضحية التلوّث وجريمة الحكومة». كما أشعل بعضهم الإطارات وحجبوا الطرق المؤدّية إلى المناطق الصناعية، في تحرّك تعبيري عن الغضب والاستنكار.

هذه الأحداث تأتي في وقت تُعدّ فيه المجموعة الكيميائية التونسية (GCT) أحد الأعمدة الصناعية التي تحوّل الفسفاط إلى أسمدة كيميائية، داخل مجمّع شيد عام 1972، يتّهمه السكان بإطلاق مرافقه الغازات ثاني أكسيد الكبريت والأمونيا السامة، ونفايات الفوسفوجبسوم التي تلوّث البحر والتربة والمياه الجوفية. كما ذكرت دراسات بحثية — منها تقرير صادر عن مختبر Géosciences Environnement Toulouse في فرنسا — أن الملوثات تصل إلى مستويات “مرتفعة جدًا” مع تداعيات بيولوجية عميقة تشمل تشوّهات قلبية وأنواع متعددة من السرطان.

ورغم أن السلطات قد أعلنت في 2017 نيتها تفكيك المجمّع واستبداله بمنشآت مطابقة للمعايير الدولية، فإن هذا الوعد بقي حبراً على ورق، ولم تُنفّذ أي خطوات ملموسة على الأرض.


التصعيد وامتداد المواجهة

بحسب تقارير من رويترز وغيرها، توسّعت التحركات لتشمل اقتحام الموقع الصناعي، ومواجهة أمنيّة استخدمت خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. 
كما أُحرقت بعض المنشآت الإدارية داخل المجمع، في حين انتشرت عناصر من الجيش على مقربة منه بحضور عسكري مكثّف لحماية البنى التحتيّة وإبعاد المحتجين عن محيطها. 
وأفادت مصادر إعلامية محلية بأن مقرّ GCT الإقليمي بتونس تعرض لأعمال تخريبيّة ليلية، منها إشعال النيران وتدمير معدات، رغم أن قادة احتجاجيّين وصفوا هذه الحوادث بأنها “معزولة ولا تمثّل غالبية المحتجين السلميين”

من جهتها، شجّبت نقابات وجمعيات الحقوق والحريات هذه الأحداث، ودعت إلى ضبط النفس والحوار، مع التأكيد على شرعية المطالب البيئية والصحية للسكان


موقف الحكومة وردود الفعل الرسمية

ردًا على الضغوط المتزايدة، أعلن الرئيس قيس سعيد أنه أجّل إرسال لجان من وزارات الطاقة والبيئة لفحص الوضع في الموقع، ملوّحًا بأن هناك “اختلالات خطيرة في الصيانة والسلامة”. 
كما وصف ما يجري في قابس بأنّه “اغتيال بيئي” ناجم عن سياسات قديمة ارتُكبت منذ عقود. 
إلا أن ناشطين بيئيين ومحليّين ينتقدون هذه التصريحات، معتبرين أنها لا تتجاوز المماطلة، وأن المطلوب تنفيذ قرار التفكيك وإعادة تأهيل الموقع بعيدًا عن التجزئة الكلامية.

وفي خطوة رمزية، أعلنت الجمعية التونسية لحقوق الإنسان وعدد من الجمعيات عن تقديم عريضة تطالب بإغلاق وحدات الملوثات داخل المجمع الكيميائي، وإعادة النظر في نموذج التنمية الصناعيّة بالمنطقة الجنوبية. 


الأبعاد الصحية والبيئيّة والاقتصاديّة

تتجاوز هذه الاحتجاجات مطالبًا محليّة إلى اجتذاب اهتمام وطني ودولي إلى المعضلة البيئيّة التي يواجهها الجنوب التونسي. فالتلوّث المتراكم من انبعاثات الغازات والنفايات الصلبة الناتجة عن صناعة الفوسفاط يُهدّد صحة الملايين، ويؤدي إلى أمراض تنفسيّة، وسرطانات، وأمراض قلبية، بالإضافة إلى تدهور الثروة السمكيّة والزراعيّة. 

كما تواجه الحكومة تحديًا كبيرًا في توفيق طموحاتها الاقتصادية لزيادة إنتاج الأسمدة — من 3 إلى 14 مليون طن سنويًّا — مع ضمان استدامة صحية وبيئية للسكان المتضرّرين. 

في الأثناء، يُراقب الصيد والزراعة في خليج قابس تأثير التلوّث البحري والنزوح البيولوجي، حيث أبلغ الصيّادون المحليّون عن تراجع ملحوظ في كميات الأسماك وشحّ الأصناف السمكيّة التي كانت يومًا تُعدّ مصدر رزق مهمًّا للسكان.


السيناريوهات المتوقعة والتوصيات

إذا لم تلتفت السلطات لمطالب المحتجين، فمن المحتمل تصعيد الاحتجاجات أو انتشارها إلى مناطق مجاورة، مع تصاعد الضغط على الحكومة والهيئات الرقابية والمستثمرين الأجانب المعنيّين بقطاع الأسمدة.

من جهة أخرى، تبقى بعض المطالب الواقعية قابلة للتنفيذ، أهمها:

  • البدء الفوري بتفكيك الوحدات الأكثر تلوّثًا في موقع GCT، أو إحالتها إلى مناطق صناعية بعيدة عن التجمعات السكنية.

  • إنشاء آلية شفافة لمراقبة الانبعاثات الغازية والنفايات، بمشاركة المجتمع المدني والهيئات الدولية.

  • إطلاق برامج صحية عاجلة لفحص السكان المتأثرين وتقديم العلاج المجّاني.

  • دراسة نموذج تنمية بديل للجنوب التونسي، يعتمد على الطاقة المتجدّدة والزراعة المستدامة بدلاً من الاعتماد المكثّف على صناعات عالية المخاطر.

وفي خضم هذا المشهد المتوتر، تبقى أبرز كلمة يتداولها الجميع عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي هي: آخر الأخبار في تونس — تلاحق الأزمة البيئيّة في قابس وتضع الدولة أمام امتحان التزامها بحقوق مواطنيها في الهواء النقي والحياة الكريمة.


إرسال تعليق

أحدث أقدم