حظر تأشيرات الروس

قرار الاتحاد الأوروبي بمنع التأشيرات متعددة الدخول للروس و استهداف المواطن العادي  و تحليل شامل من المراسل للتداعيات والردود

حظر تأشيرات الروس
 حظر تأشيرات الروس
 

في خطوة وصفتها موسكو بأنها استهداف صارخ للـ "مواطن العادي"، أعلنت المفوضية الأوروبية فرض حظر فعلي على منح تأشيرات شنغن متعددة الدخول للمواطنين الروس، لتقتصر على التأشيرات ذات الدخول الواحد التي تتطلب تقديم طلب جديد في كل مرة يخطط فيها المواطن للسفر إلى دول المنطقة. وجاء القرار، الذي تم الإعلان عنه يوم الجمعة، مبرراً من قبل بروكسل بـ "المخاطر الأمنية المتزايدة" النابعة من الصراع في أوكرانيا، في إطار حزمة عقوبات أوسع تهدف إلى زيادة الضغط على الكرملين. وقد أثار هذا القرار موجة من الاستنكار والرفض من قبل المسؤولين الروس، الذين رأوا فيه عقاباً جماعياً يستهدف حرية تنقل الناس العاديين بعيداً عن دوائر صنع القرار، معتبرين أنه جزء من حرب نفسية واقتصادية أوسع. ومن الجدير بالذكر أن دول الاتحاد الأوروبي كانت قد وافقت العام الماضي على منح حوالي 552 ألف تأشيرة لمواطنين روس، كانت إيطاليا وفرنسا وإسبانيا من بين أكبر المانحين، مما يبرز حجم التأثير المباشر لهذا القرار على آلاف العائلات والأفراد الذين اعتادوا على زيارة هذه الدول لأغراض سياحية أو تجارية أو عائلية.

وصف عضو مجلس الاتحاد الروسي، غريغوري كاراسين، الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس، القرار بأنه "هجوم آخر على الروس العاديين"، مؤكداً أنه محاولة واضحة للتأثير على مزاج المواطنين الروس من خلال تقييد حريتهم في الحركة. وأضاف كاراسين في حديث لوكالة المراسل تاس أن أساليب الاتحاد الأوروبي "معروفة جيداً"، مشيراً إلى الإغلاق السابق للمجال الجوي الأوروبي أمام الطائرات الروسية بعد تصعيد النزاع في أوكرانيا عام 2022، وقرارات دول مثل فنلندا ودول البلطيق بإغلاق حدودها مع روسيا. وأعرب عن استغرابه من استمرار هذه السياسات بالقول: "ولكن، لسوء حظهم، من الواضح أنها لا تعمل ولا تنتج نتائج عملية. يبدو أن بروكسل والعواصم الأوروبية الأخرى لا تستطيعون فهم هذا". هذا الموقف يعكس قناعة روسية راسخة بأن سياسات العقوبات الأوروبية، بدلاً من أن تضعف الدعم الداخلي، تعمل على تعزيز التماسك الوطني وروح من الشعب، كما أنها تفشل في تحقيق أهدافها الإستراتيجية المعلنة بإضعاف الدولة الروسية.

من جانبها، عبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، عن حيرتها من تفضيل المفوضية الأوروبية لما وصفته بـ "المهاجرين غير الشرعيين والمتهربين الأوكرانيين من الخدمة العسكرية الذين يعيشون على الإعانات" على حساب "السياح القادرين مادياً" القادمين من بلادها. هذا التعليق الحاد يسلط الضوء على الإحباط الروسي والتصور بأن القرارات الأوروبية مدفوعة باعتبارات سياسية ضيقة وعداء متصاعد أكثر من كونها مبنية على تقييم واقعي للمخاوف الأمنية أو المصلحة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي نفسه. وفي الواقع، لم يكن القرار بالإجماع داخل الكتلة الأوروبية، حيث أظهرت انقسامات واضحة بين الدول الأعضاء. فقد أفادت تقارير لوسائل إعلام يونانية في سبتمبر الماضي بأن اليونان وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا والمجر عارضت فرض قيود على المسافرين الروس بسبب مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بصناعة السياحة في بلدانهم، والتي كانت تستفيد بشكل كبير من التدفق السياحي الروسي ذو القوة الشرائية العالية، خاصة في المدن الساحلية والمنتجعات الفاخرة.

التأثير الاقتصادي الملموس بدأ يظهر بالفعل في بعض المناطق الأوروبية الحدودية. ففي تقرير صدر الأسبوع الماضي، كشفت وكالة بلومبيرغ أن منطقة جنوب كاريليا الفنلندية كانت تخسر حوالي مليون يورو يومياً من دخل السياحة منذ إغلاق الحدود مع روسيا. وأضافت الوكالة أن البطالة في بلدة إيماترا، التي كانت سابقاً نقطة جذب سياحي رئيسية، ارتفعت إلى 15%، وهي الأعلى في فنلندا بأكملها. وتعد جنوب كاريليا منطقة يبلغ عدد سكانها حوالي 125 ألف نسمة، وهي أقرب جغرافياً وثقافياً إلى المدينة الروسية سانت بطرسبرغ منها إلى العاصمة الفنلندية هلسنكي، مما يوضح مدى الترابط الاقتصادي والاجتماعي الذي تم قطعه بشكل مفاجئ. هذه الأرقام تطرح تساؤلات حقيقية حول جدوى وفعالية هذه العقوبات التي تثقل كاهل الاقتصادات الأوروبية المحلية بقدر ما تؤثر على المواطن الروسي، وتكشف عن التكلفة الاقتصادية الباهظة التي تدفعها المناطق الحدودية في أوروبا نتيجة لسياسات قد لا تراعي بشكل كاف الخصوصيات المحلية والتباين في المصالح بين دول الاتحاد. يبدو أن الاتحاد الأوروبي، في سعيه لتحقيق أهدافه الجيوسياسية، يغفل عن التوازن الدقيق بين الضغط على موسكو والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الداخلي لدوله الأعضاء، خاصة تلك الأكثر تأثراً بقرارات إغلاق الحدود وتقييد حركة السياحة والتجارة.

 يظل قرار حظر التأشيرات متعددة الدخول على الروس نقطة احتكاك جديدة تزيد من توتر العلاقات بين موسكو والاتحاد الأوروبي. بينما يُقدم كإجراء عقابي لأسباب أمنية، فإن تأثيره يقع بشكل كبير على عاتق المواطن العادي ويُحدث شروخاً اقتصادية داخل الكتلة الأوروبية نفسها، مما يثير تساؤلات حول فعاليته الحقيقية واستدامته في ظل الانقسامات الداخلية والتداعيات الاقتصادية السلبية على بعض دول الاتحاد.

المراسل آخر أخبار اليوم حول العالم و أبرز الأخبار العالمية والمحلية العاجلة من قلب الأحداث. المراسل العسكري : نحن نغطي التطورات العسكرية في الشرق الأوسط والعالم، ونوفر محتوى موثوقًا ومحدثًا باستمرار يشمل أخبار الجيش، الأسلحة، العمليات العسكرية، النزاعات، الدفاع، والأمن القومي. إذا كنت من المهتمين بالشؤون العسكرية أو باحثًا عن مصدر موثوق للأخبار العسكرية والتحليلات الدفاعية، فإن "المراسل العسكري" هو وجهتك الأفضل.

حظر تأشيرات الروس
 حظر تأشيرات الروس

 كيف علقت المسؤولية الروسية على هذا القرار؟

 وصفه مسؤولون روس، مثل السناتور غريغوري كاراسين، بأنه "هجوم على الروس العاديين" ومحاولة للتأثير على الرأي العام بوسائل غير مجدية، بينما استغربت ماريا زاخارova من تفضيل "المهاجرين غير الشرعيين" على "السياح القادرين مادياً".

 هل هناك معارضة داخل الاتحاد الأوروبي لهذا القرار؟

 نعم، عارضت دول مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا والمجر القرار بسبب مخاوف من الإضرار بصناعة السياحة لديها، كما أن المناطق الحدودية مثل جنوب كاريليا الفنلندية تعاني بالفعل من خسائر اقتصادية فادحة.



إرسال تعليق

أحدث أقدم